منذ أن تسيد اردوغان على عرش السُلطة وهو يسعى وعبر أجندات حزب التنمية والعدالة إلى مسخ هوية تُركيا العلمانية واستبدالها بهوية متطرفة يسميها مع أنصاره الهوية الإسلامية، الهوية الجديدة لتركيا الحديثة ليست إسلامية بل خليط بين أفكار الإسلام السياسي والفكرة الليبرالية بمعنى أن أردوغان يستخدم الفكرة الليبرالية وأفكار الإسلام السياسي للبقاء في السلطة فالفكرة الليبرالية لا تتعارض مع روح وجوهر العلمانية لكن أفكار الإسلام السياسي ستضمن بقاءه في السلطة وتصدير رؤيته ورؤية أنصاره إلى العالم فهو يُدرك أن العالم العربي والإسلامي لا يمكنه تقبل التغلغل التركي المباشر مثلما حدث مع العثمانيين قديماً ولم يجد بُداً من استغلال الإسلام للدخول وخداع البسطاء ومن يؤمن بضرورة عودة الخلافة التي هي حقيقة تاريخية وليست فريضة دينية.

تُركيا وبقية دول العالم لا يمكنها النمو والبقاء وهي تُفكر بالإنسلاخ من العلمانية فالعلمانية فكرة أيديولوجية عاقلة تقف على مسافة واحدة من الجميع لا يهمها إلا البلاد أما عقائد الناس فأمرها متروكُ لله ولسلطة القانون التنظيمية فقط، لو عدنا بالعقل قليلاً إلى الوراء وتركناه يُفكر كما أمره الله فإنه سيجد أن دولة النبي صلى الله عليه وسلم دولة مدنية وليست دولة دينية كما يتوهم البعض، فوثيقة المدينة المنورة والعهد مع نصارى نجران بمثابة دساتير وطنية في العصر الحديث فقد نظمت العلاقة بين السلطة وبين المجتمع ونظمت علاقة الأفراد بعضهم ببعض وهذا ما يجهله الغالبية ويواريه منظري ودعاة الإسلام السياسي عن المجتمعات..

تُركيا العلمانية لم تعد كذلك في العهد الاردوغاني فهي باتت أقرب إلى الدولة البوليسية المتوشحة بوشاح يُقال له إسلامي وهو ليس بإسلامي، الداخل التُركي مليء بالمشاكل والتعقيدات والمعارضة التُركية تحاول إيقاف العبث ولملمة ما تبقى من تركيا القديمة لكنها لا تلقى الدعم والتأييد خصوصاً التأييد الدولي بتسليط الضوء على ملف حقوق الإنسان والذي يئن من الاعتقالات التعسفية وتكميم الأفواه واستهداف الأقليات بالتصفية والقتل والتشريد والاستحواذ على السلطة وتمرير القوانين بغية تغيير التركيبة السياسية وموازينها المعقدة.

ما يقوم به أردوغان ونظامه أمرُ مكارثي سيحرق تُركيا ويحولها لرماد وستصل النيران لأوروبا ودول المشرق التي يجب أن تقف بوجه صلف أردوغان لتعود تُركيا لعلمانيتها ففي ذلك صلاحُ لها وللعالم أجمع فيكفي للعالم تجربة إيران وطالبان وسودان البشير من قبل وفي كل ذلك عظه وعبرة لو كنتم تعلمون .